أنت من تراب . . . هي منك - من كتاب للرجال فقط


  أنت من تراب . . . هي منك 


أنت من تراب . . . هي منك

     

  هل سألت نفسك مرة ، لماذا تتكلم النساء أكثر منا نحن الرجال ؟
أولماذا هن أكثر انفعالاً منا تجاه المواقف والأحداث ؟
أو لماذا لا يجذبهن الحديث في السياسة والاقتصاد ؟
أو لماذا هن أكثر رومانسية منا ؟
أو لماذا هن شغوفات بالتفاصيل الصغيرة ؟
أو لماذا لديه اهتمام بالآخرين أكثر منا نحن الرجال ؟
أو لماذا تبدو مواقفهن أحياناً عاطفية لا عقلانية ؟
أو لماذا يرغبةً بالخروج من المنزل أكثر منا ؟
أو لماذا هُنَ حساسات زيادة عنا ؟
أو لماذا يستغرق وقتاً أطول منا لتجهيز أنفسه إذا أردنا الخروج معاً ؟
أو لماذا غير دقيقات فى مواعيدهنّ غالباً ؟

  ربما لم تسأل نفسك عن السبب
 أو لعلك انتبهت الآن فقط أنّ هذه الفوارق موجودة فعلاً ولم تكن تلقي لها بالاً من قبل ، رغم أنك تعايشها كل يوم ، وعلى سيرة كل يوم دعني أسألك :
ألم يحدث مرةً أن أهمّك أمر وأشغلك فجلست منكفئاً على نفسك تُقلب الأمور وتستعرضها باحثاً عن حل وجاءت هي تريدك أن تتكلم وتخبرها بما يجول فى خاطرك وفى تلك اللحظة لو خيروك بين الكلام وتسلق قمة افريست لاخترت أن تتسلق قمة أفريست على أن تتكلم ؟ !
لم يحدث مرة أن شاهدوا فيلماً معاً فبكثافي لموت أحد البطلين ، أو ابتهجت العناق كان بينهما ، بينما أنتَ لم تبكِ ولم تبتهج ؟ !
ألم يحدث مرة في سهرة عائلية كان الحديث في السياسة والاقتصاد وكرة القدم فرأيت في وجوه النساء ملامح عدم الاكتراث ، ثم لما صار الحديث عن عرس فلانة ، أو تخفيضات في أحد المحال التجارية فى السوق ، أو عن الألوان الدارجة هذا العام ، دبثّ الروح فيه مجدداً ؟ !
ألم يحدث مرةً أن مررن مناسبة تتعلق بك ولم تحضر لك فيها هدية فلم تُلق للأمر بالاً ، بينما لما نسي مناسبة تتعلق بها بدئ في قمة تبرمها وربما عاتبتك ؟ !
ألم يحدث مرة آن ذهبت إلى عشاء من دونها ثمّ لما عُدت تفاجأت أنها تسألك عن تفاصيل لم يخطر ببالك أن تنتبه الها ، أنت الا تتذكر لون الشرشف على طاولة الطعام هذا إذا تذكرت أساساً أنه كان هناك شرشفا وحتماً كنت تأكل ولم تتوقع أن تسلك إن كانت الصحون متناسقة ، وإن سألتك عن أكواب العصير ستتفاجأ أنك لا تتذكر سوى العصيرا حتى ملابس أصدقائك وأحذيتهم .
وساعاتهم لم تلاحظها كلها ، أقسم الك أنها لو كانت مكانك الاخبرتك بكل هذه الأشياء التي سألتك عنها وتلك التي لم تسألك عنها ! لم يحدث مرة أن حدثتها عن مشكلة أحد أصدقائك فعادت بعد مدة لتسألك ما الذي حدث فى تلك المشكلة ؟ !
ألم يحدث مرة أن مرت يكما مشكلة فتفاجأت بموقفها الحاد ، ورحت تسأل نفسك هذه العاقلة المثقفة المتدينة كيف يمكن لها أن يكون موقفها عاطفياً إلى هذا الحد ، هذه التي تحسب كل شيء بدقة لماذا تبدو الآن كمراهقة في السادسة عشرة ؟ !
ألم يحدث مرة أن أخبرتها أنك ستصطحبها إلى مطعم ، أو حفل زفاف ، أو زيارة قريب ، ثم ألغيت هذه الفكرة فرأيت ردة فعلها حادة جداً لدرجة أنك سألت نفسك : ما المهم فى الأمر إنه مجرد مشوار لم يتم ؟ !
ألم يحدث مرة أنكما أردتما الخروج معاً ، فا استغرقت هى وقتاً التتجهنّ بإمكانك أنت في هذا الوقت أن ترتدي ثيابك كلها وتخلعها ! وكنتَ أنتَ تتذمر خشية أن تتأخرا بينمالم يعن لها الوقت بالقدر الذي عناه لك ؟ !
لا شك أنك تقول في نفسك : نعم لقد حدث هذا فعلاً ! ولربما تسأل كيف عرف أن هذه الأمور قد حدث معك ؟ !
في الحقيقة هذه الأمور حدثت معى أيضاً ، ومع صديقك ، ومع جارك ، ومع رجال لا تعرفهم في بلدان أخرى !
النساء مُ النساء ياصديقي مهما اختلفت ثقافاتهنّ.    
ومستوياتهن الاقتصادية ومجتمعاتهن ، ثمة شيء مشترك بين كل المنضويات تحت لواء الأنوثة !
وما ينطبق عليهنّ ينطبق علينا نحن الرجال كذلك فثمة قاسم مشترك بيننا جميعاً ، وإن شئت قال مجموعة من الطباع توجد في كل منا وإن تفاوتت من رجل إلى آخر !

الحقيقة التي عليك أن تدركها أن النساء مختلفات عنّا ، في طبيعتهن ، في طريقة التعبير عن مشاعرهن ، في اهتمامهن ، في الأشياء التى يجدن فيها تسلية ، أو في تلك الأشياء التي تسبب اله ضجراً.
المشاكل تقع بين الرجل والمرأة بسبب عدم فهم طبيعة الرجل للمرأة ، وعدم فهم المرأة لطبيعة الرجل !
نحن نريد أن تتفاعل النساء مع حدث ما كما نتفاعل معه ، أن يشعرن كما نشعر ، وأن يأخذن بعض الأمور ببساطة كما نأخذها وأن يأخذن بعض الأمورا الأخرى بمزيد من الاهتمام كما نفعل !
بالمقابل له . يردن منا الأمر نفسه ، أن نشعر مثلهن ، ونتفاعل مثله ، وناخذ بعض الأمور بعدم الاكتراث كما يفعلن ، أو نولي شيئاً ما مزيداً من الاهتمام كما هي الحال لديهن !

ينتظر الرجل من المرأة أن تكون نسخة عن تفكيره وإحساسه وتنتظر المرأة من الرجل الشيء نفسه 
وهذا أمر يستحيل أن يكون !
قد تسأل : ما الحل إذاً؟ ألا ترى أنك قد أوصلتنا إلى طريق
مسدود؟
أقول لك : على العكس تماماً، الحل أن نتفهم هذا الاختلاف،
ونتصرف على أساسه ، فنثري العلاقة بدل أن نكسرها! فالحب
شيء جميل ، وأجمل أرضية وأصلبها تجمع رجلاً وامرأة معاً ، ولكن
الحب وحده لا يكفي لإنجاح هذه العلاقة ، والسبب أن الحب الذي
ينشأ وبين الطرفين اختلاف سيكون على المحك إذا ما اجتمع الرجل
والمرأة تحت سقف واحد ، فالحب كما ولد قابل لأن يموت ، وبالمقابل
هو قابل لأن ينمو ويستمر، بل قد يغدو
وكل يوم أكبر من اليوم الذي
قبله ، إذا عرفنا كيف نرعاه ونهتم به ، وهذا شيء يستحيل أن يتم
إذا لم نقر بحقيقة الاختلاف بين الجنسين أولاً ، وبمراعاة هذا
الاختلاف أثناء تعاملنا اليومي ثانياً!

ولعل سؤالاً مشروعاً قد يتبادر إلى ذهنك وأنت تقرأ هذا
الكلام ، فتسأل : كيف نشأ هذا الاختلاف؟

تولد البنت والولد في بيت واحد ، يتلقيان التربية ذاتها،
ويعيشان في مستوى اقتصادي واحد، يعتنقاد دينا واحداً ،
يخضعان للعادات والتقاليد نفسها ، ثم إذا كبر كل منهما ، التحقت
البنت بركب النساء ، والتحق الولد بركب الرجال ، وصار من
الممكن ملاحظة الفروق فى الاحساس ، والاهتمام ، وطريقة
التفكير ، وطريقة التعبير.

فى الحقيقة لا التربية ، ولا الثقافة ، ولا الدين ، ولا المستوى
الاقتصادي ، ولا طبيعة المجتمع ، ولا العادات والتقاليد هي المسؤولة
عن الاختلاف بين الرجل والمرأة وإن كانت كل هذه الأشياء تؤثر فى
بناء الشخصية لا شك ، إنّ منبع الاختلاف كامن فينا منذ الولادة،
هكذا نولد مختلفين دون أن نختار ، ونفكر ونشعر ونعبر بطرق
مختلفة ترجع إلى أصل خلقتنا!

أصل الخلقة!
ضع خطاً تحت هذه العبارة ، فهنا يكمن السر! وتعال الآن
نتحدث في أصل الخلقة!

سأحاول في هذا الكتاب أن أحلل الفوارق بين الرجال والنساء
بطريقة إنسانية صرفة أبتعد فيها قدر الإمكان عن إعطاء الأمر يُعداً
دينياً ، ولكن ثمة أشياء يستحيل أن نفهمها بعيداً عن حقائق
الدين ، ودعني أكون جازماً ، مع أني لا أحب غالباً أن أتحدث وأنا
ممتلئ ثقة ، إذ أني أقول ما أفهم ، أو ما أعتقد أنه الصواب ، ولكني
في موضوع سبب الاختلاف بين الرجل والمرأة أجزم أن الأمر لا
تفسير منطقي له سوى أصل الخلقة!

دعنا نرجع إلى الوراء قليلاً ، أو بالأحرى سوف نرجع كثيراً ،
تحديداً حيث بداية خلق الله تعالى هذا النوع الذي هو نحن!
أراد سبحانه أن يجعل هذا الكوكب الذي نعيش فيه مأهولاً ،
وهذا ما حدث كما ترى ، من طين أنشأ سبحانه هيئة بشرية اتقن

صنعها ، ثم نفخ فيها الروح فقام آدم بشراً سوياً ، ولكن ماذا يفع
رجل احده ، كيف يعمرُ كوكباً مترامي الأطراإذا ما أهبط إليه
كيف ينجب أولاده الذين سيكملون بعده الغاية التي لأجلها خلق؟!
لا بُدَّ من حواء إدا ! أصدر القدير أمره فكانت حواء!
ولكنه سبحانه بعلمه المطلق شاء أن يخلقها بطريقة أخرى غير
تلك التي خلق منها آدم من قبل ،لما نام آدم أخذ منه ضلعاً قرب
القلب وخلق منه حواء! كان سبحانه قادراً على أن يخلقها من تربة
منفصلة تماماً كما خلق آدم ، ولكنه أراد أن تكون بينهما رابطة قوية ،
فهماسيسيران معاً ، الرجل والمرأة جنباً إلى جنب حتى فناء هذا
الكوكب ، خلق الله حواء من ضلع آدم ، ليشعر على الدوام أنها جزء
منه ، يحبها ، ويحميها ، ويخاف عليها تماماً كما هي الأجزاء التى ما
زالت موصولة فيه ، ولتشعر حواء أنها تنتمي لادم ، انتماء الغصن
إلى الشجرة الذي متى ما قطع منها ذبل ومات ، وتحن إليه حنين
الجزء إلى أصله الذي جاء منه!

وقد تسأل الآن : أين أثر أصل الخلقة في الاختلاف بين طبيعة
المرأة وطبيعة الرجل؟!
وهو سؤال آن أوانه فعلاً فأعرني عقلك وقلبك الآن!

خلق آدم من تراب ، ومن التراب ينبثق الشجر، وتخرج
السنابل مليئة بالقمح ، التراب هو أصل الانتاج ، ولأن كل مخلوق
يأخذ من طباع المادة التي خلق منها تجد الرجال يجدون أنفسهم
فيما يُنتجون ، يحبون العمل والانجاز والنجاح وإعالة نسائهم ، لهذا
يجد الرجل حرجاً أن يجلس في البيت وتنفق عليه زوجته ، لان
هذا خلاف فطرته ، وضد أصل الخلقة التي جاء منها!

بالمقابل قلنا أن حواء جزء من آدم ، آدم بالنسبة إلى التراب هو
جزء لهذا علاقته بالانتاج قوية ، أما المرأة بالنسبة للتراب فهي جزء
الجزء وعلاقتها بالانتاج أقل بكثير ما هي الحال عليه عند الرجل
فالمرأة مثلاً لا تجد حرجاً أن تجلس في البيت تهتم بشؤونه بينما
ينفق عليها زوجها ما دام يحفظ لها كرامتها ويعاملها بالحسنى ،
أرأيتَ إلى أي مدى ما زال أصل الخلقة يؤثر فينا؟!

بالمقابل التراب الذي جاء منه آدم صلب ، جلي، عملى, 
تزرعه وتصب فوقه الماء فيثمرإنه يعمل وفق معادلة ثابتة ، غاية
في المنطقية ، بينما جسد آدم الذي خلقت منه حواء ألفين وأقل
صلابة من التراب ، لهذا كانت المرأة أرق وأنعم من الرجل! ولا
جاءت من قرب القلب لم يكن مستغرباً أن تكون أكثر عاطفة من
الرجل العملى الذي جاء من التراب!
والآن دعنا نقرأ معا ما سبق وتحدثنا عنه ، يقول الله تعالى :
وهو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها

خلقنا من نفس واحدة هو آدم ، وجعل من هذه النفس زوجته
هي حواء.
طريقة مغايرة في الخلق لذات النوع ، كانت السبب في هذا
الاختلاف الذي نراه ونعيشه ، هذا الاختلاف الذي علينا أن
نتفهمه الا أن نصارعه ، ونتعايش معه لا أن نصطدم به ، وكلما
لاحظت اختلافاً معها ، كلما أحسست أنها لا تشبهك ، كلما رأيتها
بكين حيث رأيت أن الموقف لا يستدعي ، ورأيتها فرحت حيث أن
الأمر لا يقتضى ، كلما رأيتها تتحدث أكثر منك ، كلما رأيتها غارقة
بالتفاصيل ، كلما طالبتك بالاهتمام ، كلما أحسست أنها تُفضل أن
تعمل أقل وتحبها أكثر على أن تجني مالاً أكثر وتحبها أقل ، تذكر أهم
درس فى الحياة:
أنت من تراب ، وهي منك!

Aucun commentaire